#شعر | محمد عبدالله البريكي: مكر شيطان

فن وثقافة

الآن 2554 مشاهدات 0


"‎ وقلتُ للأرضِ هذا الكونُ محتفلٌ
‎بما لدىَّ من الألحانِ، فاقتربى
‎وقرّبى لى الحزانى، كى أهُزَّ لهم
‎جذعَ الشعورِ فيدنو نحوهُم رُطَبى"

يتملك الشاعر رغبة كونية في مناداة الأرض- المحيط لتقترب فيفرش فيها مروج الألحان- القصائد كي تطرد حزن الحزانى ،ويهز لهم "جذع" المشاعر ليتساقط نحوهم "رطب" الإدهاش.

هي قصيدة ترتدي ثوب الإبداع للشاعر الإماراتي القدير محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة ، تحتشد بالصور المجازية المشرقة والمشاهد التعبيرية الراقية.
قد يبدو عنوان النص لافتاً بيد أن مضامينه تفضي إلى أن الإنسان يولي كل تجربة ماتقتضيه من التعامل والإدراك:

فى داخلى مكرُ شيطانٍ ووعىُ نبى

‎وفى العيونِ أرى مولايَ ثُمَّ أبى

‎وأدخلُ الحقلَ، لا أسطو على شَجَرٍ
‎إلا  لأقطفَ  من  أغصانِهِ  أدبي

‎مسافِرٌ بى جنونى حيثُ توصِلُنى
‎هذى النجومُ التى تلهو، إلى شَغَبى

‎إلى دواليبِ ألعابى، إلى  شجرٍ
‎أيقظتُ فيهِ جنونَ الرقصِ من تعبى

‎إلى فتاةٍ تربّى الوردَ فى يَدِها
‎وتملأُ الكأسَ للأيامِ من عِنَبى

‎إلى حَمامٍ بصدرِ الناس ينسبُنى
‎إلى الهديلِ، وأدرى أنَّهُ نَسَبى

‎وقفتُ عندَ تخومِ الماءِ منتشِياً
‎حتى أُفَرِّغَ بحرَ الشعرِ بالقِرَبِ

‎أقامَنى  من منامى  زائرٌ  قَلِقٌ
‎وكانَ يكشفُ سِرَّ الروحِ بالحُجُبِ

‎وراودَ النخلَ حبّى للصعودِ فما
‎طاوعتُهُ قبلَ أن يلهو على سُحُبى

‎ وقلتُ للأرضِ هذا الكونُ محتفلٌ
‎بما لدىَّ  من  الألحانِ، فاقتربى

‎وقرّبى لى الحزانى، كى أهُزَّ لهم
‎جذعَ الشعورِ فيدنو نحوهُم رُطَبى

‎  وكى  أقدّمَ  فنجاناً   بدهشتِهِ
‎من الأحاسيسِ مغليّاً على حطبى

‎الليلُ ناطورُ   أحزانى   أُلاعبُهُ
‎نَرْدَ الحظوظِ وأُهدى صبرَهُ كُتُبى

‎وإنْ غَفَت أحرفى أيقظتُ سيِّدَةً
‎جاءت إلى مخدعى سهواً بقلبِ صَبى

‎تُحَوِّلُ الصمتَ موسيقا بِخَطْوَتِها
‎ولا تُغَنّى سوى للعاشقِ الطّرِبِ

‎تقولُ لى: أنتَ شيطانٌ، فقلتُ لها:
‎  أنا   غَوِىٌّ  ولكنّى   بقلبِ   نبي

تعليقات

اكتب تعليقك